
أكثر كوادر قوي الحرية والتغيير الخطابية كنت وجيلي من طلاب جامعة الخرطوم مطلع الألفينات نسمعهم في أركان النقاش وهم لا يصفون السلطة القائمة آنذاك “الإنقاذ” إلا بوصفين :
(نظام الجبهة) … يعنون الجبهة الإسلامية القومية
أو (حكومة الكيزان) ……
الآن تبدَّل الوصف عند بعض تلك الكوادر إلى نظام (الإخوان المسلمين) وأنهم لن يسمحوا بعودة هذا النظام إلى الحكم …
مفهوم طبعاً هذا التحوّل في الوصف …
فكوادر شارع المين السياسي بالجامعة (قديماً)كانت تخاطب الشارع (السوداني) …
لكنها (اليوم) لا تخاطب الشارع السوداني … وإنما تخاطب (الخارج)…
وللمفارقة ف(الخارج) الذي يتزلّفون إليه هذا هو الذي قطع الطريق على ثورات الربيع العربي كلها في سبيل حربه على (الاخوان المسلمين) …وهو الذي أعاد لمنطقتنا كلها دولها (العميقة)!!
الغباء هنا في الذي يريده هؤلاء من هذا (الخارج) قاطع طريق الثورات ونصير (الدول العميقة) أبداً …
لو تخيَّلنا حواراً بين هذا الخارج وبين هؤلاء سيكون على هذه الطريقة :
الخارج : يا سادة أنتم ثوار ، قمتم بثورة ديسمبر المجيدة، وأنا قاطع لطريق كل ثورة في هذه المنطقة مجيدة كانت أو غير مجيدة.
_ هم : لكن يا خارج ثورتنا هذه كانت ضد نظام (الإخوان المسلمين)!!
الخارج : طريقتنا يا سادة في هذه المنطقة إعادة الدول العميقة.
_ هم : لكن يا خارج الدولة العميقة عندنا هم (الإخوان المسلمين)!!
الخارج: حديثنا عن دعمنا للتحول الديمقراطي في هذه المنطقة ننافق به بعض مجتمعاتنا ونجمّل به صورتنا .. لكن في الحقيقة نحن ندعم الديكتاتوريات في منطقتكم ونُفضّل خيار الديكتاتور العسكري عندكم.
_هم: لكن يا خارج الديكتاتور العسكري هذا سيكون من (الإخوان المسلمين) لأن الجيش جيشهم!!
الخارج: خطوة التطبيع التي قام بها الديكتاتور العسكري عندكم مكسب ضخم بالنسبة لنا لن نفرّط فيها بدعم تحول ديمقراطي ينتهي ب(انتخابات) ربما جاءت برافضين للتطبيع غير قابلين للتركيع.
_ هم: ونحن كذلك يا خارج لا نريد انتخابات لأن الانتخابات في ظروفنا الحالية قد تأتي ب(الإخوان المسلمين)!!
الخارج: ماذا تريدون أنتم بالضبط؟! أعياني فهمكم.
_ هم: نريد فترة انتقالية فقط نكون شركاء فيها!!
الخارج: نحن نعرف في عالمكم الأنظمة الديمقراطية ونعرف الأنظمة العسكرية ونعرف حكم الأسر في منطقة الخليج .. فهل (الفترة الانتقالية) هذه التي تطلبونها هي نظام سياسي جديد للحكم لا يعرفه الناس؟!
_ هم : الآن فهمتنا يا خارج.
الخارج: أنتم (مُؤسِّسون) إذن.
_هم : الله عليك يا خارج
#شبكة_السودان_نيوز