طارق يسن الطاهر يكتب : الاعتداء على الأطباء .. من الجاني ومن المجني عليه ؟
الطائف : السودان نيوز

تكررت ظاهرة الاعتداء على الأطباء والممارسين في الحقل الطبي في الفترة الأخيرة ، بشكل ملفت للنظر ، وبصورة لا تخطئها العين ، وعقب كل حالة تضج الأسافير والصحف بمظاهر التعاطف مع الأطباء والممارسين في الحقل الطبي ، وتعلو نبرات الصوت مجرّمَةً المرضى ومرافقيهم ، يتناولون ردة الفعل ولا يتحدثون عن الفعل ، يذكرون النتيجة ولا يبينون السبب ، ولا تكاد تجد أحدا يتحدث عن تخطئة الممارسين في الحقل الطبي.
كلنا نقر بصعوبة الظروف التي يعمل فيها الأطباء ، وحجم المعاناة التي يكابدونها ؛ إذ يعملون بدون بنية تحتيىة ، مع انعدام الأدوية والأجهزة وانقطاع الكهرباء ، و… وغيرها .
والناس يفهمون أن المعينات الطبية منعدمة ، ولا يمكن أن يحمّلوا سبب انعدامها للأطباء ، وذلك أمر يدركه الجميع ،ولكن لو وجد المريض ومرافقوه كلمة طيبة ،وحسن استقبال، وجميل تعامل في المستشفيات لخفف ذلك عنهم ، ولن تصل الأمور إلى مرحلة التعدي .
وأطرح هنا بعض التساؤلات :
هل جاء المريض من بيته ومعه المرافقون ؛ليعتدوا ويسببوا المشكلات، أم جاؤوا بحثا عن علاج؟ إن وجدوه كان خيرا وإن لم يجدوه تكفيهم الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، وإن لم يجدوا لا هذا ولا ذاك فلا يلومنهم أحد على فعلتهم.
هل المريض ومرافقوه لو وجدوا حسن استقبال وحسن معاملة من الطبيب سيحدث اعتداء؟
كم من مرة دخل مريض ومرافقوه لطبيب ، وانشغل عنهم بتصفح الوسائط!
كم من مرة دخل المريض ومرافقوه المستشفى ، ولم ينظر الطبيب لهم في وجوههم ، ولم يرد عليهم السلام.
كم مرة كان المريض يئن في المستشفيات ، ومرافقوه يبحثون عن طبيب ولم يجدوه .
نعلم سوء الظروف التي يعمل فيها الأطباء – كما أسلفت -لكن الكلمة الطيبة صدقة ،والمعاملة الحسنة تخفف عن المريض :
*لا خيل عندك تهديها ولا مال*
*فليسعد النطق إن لم يسعد الحال*
أما الطب فهو مهنة سامية وإنسانية ، هم مَن اختارها ، وينبغي عليهم إدراك حجم الصعوبات والتحديات فيها ، ويجب عليهم معرفة أهميتها وخطورتها .
تنشغل الحكومة بِسَنِّ قوانين لحماية “الجيش الأبيض” ، ولكنها لا تنشغل برعاية المرضى ، وحفظ حقوقهم ، تهتم الحكومات بالسعي على حماية الأطباء ، ولكن لا تنشغل بالعمل على تحسين البيئة الصحية .
لابد أن يكون الناس منصفين ، ولا بد من توجيه اللوم لمن أخطأ سواء أكان طبيبا أو مريضا ، فالعدالة في الحكم مطلوبة.